صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

وليد قدورة


جائعون للحرية

يفتقدون دفء الفراش وتحية الصباح كل يوم، يرون خيوطاً من ضوء الشمس تتسلل من ثقوب الأبواب الحديدية الموصدة. معصوبو الأعين، مقيدون بالأغلال، تجر أقدامهم السلاسل جراً حين يقتادون إلى منصات المحاكم، يجرحون جدران زنازينهم بأظافرهم، تعداداً للأيام، بل للسنوات التي تمضي، أضحت الحيطان مثخنة بالجراح ولم يفتح باب المعتقل الكبير، فرصة التقاط ذرات من هواء بلادهم من ساحة يحيط بها جنود مدججون بالبنادق محسوبة الدقائق، إمكانية الحصول على رغيف خبز طازج نادرة إن لم تكن محدودة، هي صحون بلاستيكية ترمى من تحت باب مغلق، وهو سجان يؤرخ للسجين مواعيد الصلاة والنهوض والنوم على إيقاع رنين مفاتيحه الحديدية الخشنة، الممنوعات كثيرة، عقل الجلاد يخترع الممنوعات، ويضيفها إلى القائمة، لا كتب ولا جرائد، لاغناء ولا وشوشة، لا لمسة يد لزوجة أو أم أو حبيبة، ولا مصافحة لأبٍ أو شقيق، محاولات مستفيضة ودائمة لالغاء الأسماء وتحويل الأسرى إلى أرقام، لا حجج قانونية تبرر للمحتل أن يحشد هذه الآلاف المؤلفة من الرجال والنساء في معتقلات جماعية يطبق عليها صمت دولي مخيب للآمال، بشر يقضون سنوات دون أن يمثلوا أمام أي سلطة قضائية حتى لو كانت غاصبة، وآخرون ينقلون من سجن إلى آخر في عتمة الليل دون أن يعلموا أين حط بهم المقام.

هذا ليس خيالاً، ولا سيناريو لعمل سينمائي، إنه ما تفعله سلطة المحتل الإسرائيلي بما لا يقل عن ثمانية آلاف كائن بشري تمارس بحقهم أبشع وسائل القهر المقتبسة عن الأساليب النازية. فمنذ ثلاثة أشهر بدأ الأسرى الفلسطينيون الذين لا تعريف إنساني أو قانوني لاعتقالهم إضراباً عن الطعام شمل أكثر من ثلاثة آلاف أسير وأسيرة بدأ بعضهم يعاني من الغيبوبة، ووصلت حالة بعضهم إلى أطراف الموت، معتقلون بلا تهمة مضى على إضرابهم عن الطعام حتى هذه اللحظة حوالي 75 يوماً، عشرون أسيراً في زنازين فردية، بدون أي تواصل مع العالم الخارجي، منهم من قضى عشرة أعوام على هذه الحال، عشر فتيات في سجن هشارون تلموند تحت الأرض لا يعرف أحد شيئاً عن مدى سوء حالتهن بعد إضرابهن عن الطعام، هذا ليس أول إضراب عن الطعام، إنه الإضراب الرابع والعشرين الذي تتصارع فيه إرادتا السجين والسجان، بين شهوة البطش والتسلط والتوق إلى الحرية.

في الخامس من أيار عام 1981 خاض محاربو الجيش الجمهوري إضراباً عن الطعام، قضى عشرة منهم خلاله وأدى إلى انتزاع حرية بلدهم، يثبت الأسرى الفلسطينيون أنهم أحرار داخل زنازينهم أكثر من كل مدعي الحرية، الطلقاء، على امتداد الكرة الأرضية، سينجحون في إجبار عدوهم على الاستجابة، لأنهم تطهروا من الفساد والعفن الذي يعشعش في أجساد وعقول غير الآبهين لأمرهم.



وليـد قـدورة
صيدا - سحماتا
14/5/2012




العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600