صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

وليد قدورة


أجنحة الفراشة

تندهش حين تلحظ هذا الحس التنبؤي العجيب الذي امتلكه الكاتب المصري محمد سلماوي في روايته الصادرة قبل شهرين ، حيث يبدو قارئاً للمستقبل ، و عارفاً بما يحمله ، إلى درجة ، يمكن التلويح بإتهامه ممن لا يفهمون الرؤيا الاستشراقية للمبدعين كأنه مشارك في صناعته و التدبير لحدوثه.

" أجنحة الفراشة" سهلة ممتعة ، قراءتها مغرية و جذابة سلاسة لغتها ، و بساطة ما يطفو على السطح من وقائعها ، و عمق أغوار أسرارها للمتعمقين ، و الباحثين عمّا يخفيه الظاهر من تحليل لحراكٍ اجتماعي و سياسي متخم بالتفاصيل الدقيقة التي يمتزج فيها الألم مع المتعة ، و الأسى مع المفاجآت الطفولية الصادمة . لكل من شخصيات الرواية قضيته ، و بحثه عن تحقيق ذاته. و نشدان الخلاص الفردي الذي يتشابك بنعومة فائقة ليفهمنا أنه توق إلى الخلاص الجماعي و رفض الظلم و التسلط كيفما كان شكلهما.

هذه ضحى الكناني ، مصممة الأزياء ، المتزوجة من عضو بارز في الحزب الحاكم ، و صاحب النفوذ الذي لا يرد ، السيدة التي تكتنز بطاقات إنسانية هائلة في داخلها لا تجيد التعبير عنها ، لأن حياتها الزوحية عديمة الاستقرار ، و لأن ما حولها لا يروي ظمأها ، و لا يشبع حاجاتها البشرية الماسة ، يسوقها الحظ إلى الالتقاء ببروفيسور معارض للحكم على متن طائرة يثير انتباهها ، و لا تلبث بعد ذلك إلا و أن تجد نفسها متفقة معه في تحليله و رؤاه الإنسانية في كافة المضامير.

ضحى ، التي تستلهم تصاميم أزيائها النسائية من الفراشات المصرية تكتشف بعد لقائها مع البروفيسور أشرف كيف أن رسوم فراشة النمر المصرية قديمة و عريقة منذ آلاف السنين في التاريخ البشري ، و تصغي بانتباه شديد إلى ما يقوله أشرف الزيني من أن رفة جناح الفراشة في البرازيل يمكن أن يحدث إعصاراً في تكساس وفق تحليله الرياضي العلمي ، و يتأكد لها أهمية ما تفعله حين تستعيد صديقتها الإيطالية ما كان يقوله الفيلسوف الصيني تشانج زي الذي عاش قبل الميلاد بألف سنة من " أنني لست أعرف إن كنت آنذاك إنساناً يحلم أنه فراشة ، أو أنني الآن فراشة أحلم أنني إنسان" و ها هي ضحى بدورها تفسر عشقها لتطريز الفراشات بالقول " إن الفراشة أكثر من حياة ، فهي تتحول من دودة محبوسة داخل شرنقة إلى فراشة جميلة ذات أجنحة تطير بها في الهواء لتستنشق عطر الأزهار ، إن الفراشة بالنسبة إلي رمز لميلاد و حياة جديدة"

ليست ضحى ، الرمز الوحيد ، في الرواية ، الذي يبحث عن ذاته ، فهذا أيمن الذي أُقنِع من طفولته أن أمه توفيت ، ينقب الأرض بحثاً عنها لعدم قناعته ، و ها هو يسافر إلى طنطا على أمل أن يلاقيها رغم الحواجز و العوائق ، ليرتمي في حضنها بعد عناء طويل ، فيما يفشل شقيقه عبد الصمد الذي عاش على أوهام الهجرة خارج وطنه ، في تحقيق حلمه بعد أن يعرف أنه كان عرضة لمكيدة عصابة تنهب الأموال.

رواية مشوقة ، الرموز البشرية فيها تحمل دلالات ما سيجري لاحقاً ، حين تنحاز ضحى إلى المعارضة ، و تجتمع كل الشخصيات صفاً واحداً أخيراً في دعوة مخلصة إلى الانعتاق و الحرية ، و تنجح بذلك نهاية الأمر بعد تضحيات كثيرة.

الأستاذ محمد سلماوي ، رئيس اتحاد و أدباء مصر و الأمين العام للاتحاد العام و الكتاب العرب سبق أن حظيت مسرحياته "سالومي" ، "الجنزير" و "فوت علينا بكرة" باهتمام النقاد ، و أشاد بها أغلبهم و قد ترجمت أعماله إلى عدة لغات أجنبية ، و كان قد أصدر عمله الروائي الأول عام 2004 بعنوان "الخرز الملوّن" كما نشر ثماني مجموعات قصصية آخرها "عشر برديات مصرية" في العام الماضي .

أما "أجنحة الفراشة " ، الرواية المبهرة التي تقيّم كعمل إستثنائي فريد فقد صدرت الشهر الفائت عن الدار المصرية - اللبنانية حديثاً في القاهرة ، و يتهافت القراء الحقيقيون على تفسير إشاراتها و معانيها.


وليـد قـدورة
صيدا - سحماتا

17/2/2011




العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600