صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

وليد قدورة


ورقة سقطت من شجرة الميلاد

أشجار عنا ، أشجار هناك ، وميض أضواء يرقص هنا و هناك ، أشجار تغزو كل محل ، ثابتة تقف على مداخل ال -مولات- التي تلتهم الدكاكين الشعبية ، و تقفل الحارات العتيقة ، غمز قناديلها الصغيرة يبهت حيناً و يتوهج حيناً آخر ، من يتبرع لي ب "شجرة ميلاد" لأزيّن بها بوابة كوخي المعتم ؟!

لا يهمني إذا كانت أغصانها بلاستيكية مستوردة من أقصى الشرق ، و لا يعنيني إذا كانت فروعها مسروقة من دغل منسي في أعالي الجبال. و لن أدع أصابعي الخشنة تخرب أسلاكها الناعمة الرقيقة ، و لن أسمح لأبنائي بالإقتراب منها حتى لا يشوهوا منظرها ، فقط ، سأطلق العنان لمخيلتي لتسرح و تمرح برفقتها ، و سأدعو كل المرتمين على جنبات الأزقة و الزواريب الضيقة ، و المعاقين الخائفين أن يسرق كراسيهم عاطلٌ عن العمل ، و أمهات الموتى ، و ذوي المفقودين في الحي ، سأدعوهم جميعاً ليملّوا أبصارهم ب"شجرة الميلاد" .

أيه .. أيتها الأذرع الصامتة ، المسكونة بالأسرار الملغومة بالرموز و الإشارات ، الإخضرار الذي يمر بجواره آلاف كل ثانية فيلقون عليه نظرة متعبة ، و يتسلون بقياس حجمه و ضخامته ، و كبره و صغره ، و يأخذون الصور التذكارية بجانبه ، غير عابئين بمدلولاته ، و لا منتبهين لمعانيه ، فكيف يحظى أمثالي ، المقيمون في القاع ، الزائغة عيونهم حتى الثمالة ، المتسللون بوجل ، الواقفون بخشوع ، مأخوذون بأبهة و فخامة "شجرة الميلاد" كيف يحظون بواحدة منها ، يستنطقونها عمّا وراء الرمز ، و خلف المشهد ؟

إلى أطلال كنيسة قريتنا الجليلية الصغيرة تحملينني ، إلى كنائس يافا التي يجهزون عليها و يعيثون دماراً ، و من هناك إلى "كنيسة القيامة" المتربعة بخفر و حياء قرب "الأقصى" رويداً ، رويداً ، تنقلينني أيتها المخيلة إلى كل حجر من كنيسة و مسجد انهالت عليه مطارق الغزاة و أثخنته تهشيماً جرافاتهم المتوحشة ، و تعودين بي ، إلى ركنٍ صغيرٍ منزوٍ في حي البؤساء المنتظرين أن يصعدوا أيضاً إلى السطح بعد أن أنهكهم طريق الآلام .

حضورك السنوي ، يجلب لي المسرة ، و يبشرني بالنهوض ، و الولادة الأخرى ، و يحمل إلي علاماتٍ ، قلّ أن يستوعبها المساكين الباحثين عن الرغيف ، بهاؤك ، رغم غيرتي من اختفاء الآخرين المبالغ به بك ، يجلب إلى قلبي الفرح و يعطيني الأمل أن ثمة مكاناً للمتفرجين أن يلهوا ، و أن يسعدوا ، و أن الأنتصار قادم ، من يهديني إلى طريق " المخلّص" لأتبع خطاه . من يعلمني بموعد قدومه لأهمس في أذنه بضع كلمات ، "تعبنا يا سيدي ، فارسم لنا بإشاراتٍ من نقائك و صفائك ، خط الخلاص لنقبل عليه ؟!


وليـد قـدورة
صيدا - سحماتا

20/12/2010




العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600