صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

وليد قدورة


فيروز .. و الذي لا يليق

مؤذٍ إلى حد جارح ما حدث مع - السيدة - . مؤلم ، إذ تتغلغل تركته و آثاره إلى الضمير العربي ، طارحاً تساؤلات عدة يقف العقل حائراً أمام مضمونها و فحواها . فهل هي محاولة لانتزاع الحركات الجميلة من حياتنا اليومية ؟ أم هو سعي للقضاء نهائياً على الذوق الفني الرفيع و إشاعة مناخ الفن الهابط لا في إذاعاتنا و فضائياتنا فقط ، بل في استخدام سلطة القوانين الحرفية لكتم صوت يمدنا بالأمل ، و ينعش روحنا على مدار النهار ، و يضبط إيقاع نبضات قلوبنا كل برهة.

"صوت الملائكة في مواجهة الجشع" ، يافطة حملتها صبية متضامنة مع "فيروز"التي احترفت الصمت على التصريحات الصحافية طول عمرها ، اللائذة بالسكوت و المعتصمة بمحرابها ، و المستنكفة عن الدخول في متاهات الجدل المبتذل منذ أطلّت ، المترفعة عن توجيه اتهامٍ لأي كان ، و الرافضة أبداً اتخاذ موقف الدفاع عن كينونتها مهما بلغت بشاعته و فظاظته ، هل نحن أمة تمتهن تهشيم عظمائها ؟ّ و هل يحتمل الخصام بين الملكية الفردية و الإبداع ، و التناقض بينهما ، إذ حدث أن ننقض على رموزنا المبدعة بهذه الطريقة المهينة ؟ المال ، مرة أخرى ، بسلطته و نفوذه و قوانينه التفصيلية يبدو طرفاً في لعبة كانت تتقنها بطريقة مختلفة عائلة ندين لها لا للبنان وحده ، بل النخبة العربية قاطبة بالامتنان على ما قدمته للفن و الثقافة العربيين من إضافة نوعية مميّزة أضحت جزءاً من الإرث الإنساني كله ، يصعب ، بل و يستحيل الفصل بين فيروز و منصور و عاصي ، يصعب الانحياز ، أسوأ أنواع الخلافات و أشقها على النفس هي الحروب العائلية ، لولا صوت "فيروز" ما كان للفن الرحباني أن يكبر ، و أن يعمّ ، و يصبح لغة كل ذي مشاعر ، و لولا رهافة كلمات ، و دقة الاختيار ، و روعة أعمال الرحابنة ، كان يمكن ألـّا تصل "فيروز" إلى هذه المرتبة الأسطورية ، و لكن كل ذلك كان يتم على قاعدة الوفاق و الاتفاق"

لكن أحداً لا ينكر أن للسيدة - فلسفتها -الخاصة منذ جاءت ، فقد عرفت أنها لا تتقن إلا الغناء ، لم تستجد مسرحاً أو جهة لاستضافتها ، فالكل كان يهرول خلفها ، و هي تهز كتفها ، و ترفع هامتها بكبرياء ، و شموخ نادراً ما يجيد صنع مثلهما فنان من الجيل المعاصر . و هي ، تكسب إجماعاً عربياً قلّما حظي بمثله أحد ، إلا عمالقة الفن العربي أمثال : أم كلثوم ، عبد الوهاب ، عبد الحليم حافظ ، لكن صوتها الملائكي الدافئ قادر على أن يحرّك الأشجان ، و أن يتسلل إلى الأعماق ، في أي وقت طوال اليوم دون أن يفقد متعته و روعته .

"فيروز" بصوتها ، ليست ملكاً خاصاً لأحد ، أضحت وجه الأمة الحضاري في هذا العصر ، منذ أن وهبها الخالق عزّ و جل هذا الصوت الملائكي ، و منذ أن استطاعت أن تنجو بإبداعها بعيداً عن منزلقات الحرب الأهلية ، فجعلت كل الطوائف تردد أغنيتها ، و صعدت عالياً حين غنت للقدس و الشام و استذكرت سيد درويش و غنت لمحمد عبدالوهاب.

"عصفورة الشمس" التي نمنا على هدهدة أغنياتها ، و عشقنا و أحببنا عبر تسجيل أغانيها ، و أعادتنا عبر أغانيها و مسرحياتها إلى القرية ، و البيدر ، و السهول الخضراء ، و ينابيع الماء المتفجرة ، و حرضتنا على الركض نحو الحرية ، فكان حتى كذابوها ظرفاء في مسرحياتها ، و كانت تبشر بنهايات سعيدة في كل أعمالها ، و كانت دوماً مهمومة .بتسريب لغة مفهومة ، بسيطة جداً إلى الشارع ، تقوم على التفاؤل و اختراع السعادة ، هذه العصفورة ، يستحيل أن توضع في قفص ، و أن يكمّ صوتها ، لأن قامتها أطول من أن يطالها قانون مجحف في نهاية الأمر.


وليـد قـدورة
صيدا - سحماتا

30/07/2010



العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600