صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

وليد قدورة


أن تعشقي فلسطينياً

حذار ، لا أنصحك بأن تقدمي على هذه الخطوة ، لو هفا قلبك إليه ، فاخنقي عواطفك ، و خبئي مشاعرك ، الاقتراب منه خطر ، و التمادي في التعبير عما يجيش في أعماقك قد يعرضك لركوب مخاطرة أنت في غنى عنها ، إذا كنت في ريعان الشباب ، أن تعشقي فلسطينياً يعني أن تكوني مستعدة لكل الإحتمالات ، و المرأة ، عادة ، تفضل الخيار السهل الأكيد ، الموثوق ، الذي سيضمن لها الأمان . معه ، يستحيل أن تحسي بهذا الأمان ، لأنه ، هو ، بذاته ، بكيانه الشخصي ، لا يعيش هذا الوهم الذي تطمحين إليه ، و لا يستظل بظلٍ تتوقين إلى تحقيقه.

***


الفلسطيني ، الفرد ، ليس مطمئناً إلى غده . يحيا يومه ، و يخشى يومه التالي ، ضاق ذرعاً بكل الوعود التي أغدقت عليه ، ملّ الشعارات الكبيرة التي سقط من أجلها أقارب له و أصحاب و أخوة و رفاق قدامى ، الشك عشش في داخله ، سيج خيوطاً سوداء متشابكة أين منها بيوت العناكب اللينة المتشعبة ، أصبح ميالاً إلى عدم تصديق الروايات التي تحكى له ، و القصص إلى تنقل إليه .

أضحى حذراً من كل حراك حوله ، متوجساً خيفة من أعدائه و أصدقائه أيضاً ، الضربات التي ما انفكت تنهال على جسده ، جعلته لجوجاً ، متسائلاً ، مذهولاً مما يحدث ، يلجأ إلى قراءة كل السير التاريخية ، و يستنطق كافة الأساطير محاولاً فك طلاسم هذه الألغاز التي تعبث بمصيره ، و هذا العبث الذي يجري اللعب به بمستقبله ، فلا يحصل على أجوبة منطقية ، فهل عرفت لماذا أنصحك بأن لا تنجرفي في مبادلته ما يبدو من فيض مشاعر ، و لا أن تستسلمي لخفقات قلبك الملتاعة حين تقابلينه؟

***


كل ما يحمله يثير الريبة ، عيونه المنكسرة النظرات ، هامته التي انحنت ، جواز سفره ، هويته ، وثيقته ، أوراق ثبوتيته ، هي دلائل اتهام له في أي بقعة أقام ، و أينما عبر ، هو مقيم في مكانٍ ما اليوم ، و مغادر إلى آخر غداَ . هو ، ليس طائراً مطلق السراح ، كما خمنتِ للحظة الأولى ، يحن إلى الرحيل ، و يتشوق إلى التحليق ، كل ما قلته لكِ ، يتم غصباً عنه ، مسيّر لا مخيّر ، لا يدري أين سيحط به الرحال أخيراً ، لا يعرف في أي مطارٍ سيعلق ، و لا في أي ميناء سيتوه . محاصر ، مطبق على عقله و أفكاره . يقاد اقتياداً إلى مذبحه دون أن يكون قادراً على أن ينبس ببنت شفة . مطعون في أهليته و صلاحيته لاتخاذ أبسط قراراته الشخصية . هل تتصورين أنه في بعض البلدان لا يستطيع أبناء الفلسطيني أن يرثوا مقتنياته ، و أن عشقه يكون مصدر اتهام و خيبة أمل لمن حولها؟

يثير الشفقة ، لكن هذا ليس ما يوده ، و لا ما يرغبه ، الشفقة تهبه فتاتاً ، لكنها لا تعطيه حقاً ضائعاً ، الشفقة أمر مغاير و مختلف تماماً عن الحب ، الحب يقوم على توازن المشاعر و التكافؤ ، و التضحية المتبادلة ، أما الشفقة فإنها تولد التراخي و الضعة و قلة الشأن ، و هذا ما لا يحتاجه كائن بشري سوي.

***


حذار ، أن تقهرك عواطفك ، فتسلمي أمرك لمن يود المحيطون به أن ينوبوا عنه ، حذار أن تقعي في مصيدة الحب مع كائن ليس له حق امتلاك بيتٍ أو جواز سفر ، يقضي عمره باحثاً عن أمانٍ مرتجى يبدو سراباً في هكذا أحوال.



وليـد قـدورة
صيدا - سحماتا

19/3/2010



العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600