|
|
وليد قدورة
جائزة لقرية مغمورة
صباح كل سبت يتصدر إسمها الصحف الأوروبية و بعض الصحف اليومية. امتلكت إرادة الحياة ، فواظبت و استمرت و أبدعت ، تميزها أدى إلى منحها "جائزة الإبداع المجتمعي " حديثاً من" مؤسسة الفكر العربي" . هي قرية بلعين في قضاء القدس التي لا يتجاوز عدد سكانها عدة آلاف، و هي " نجمة فلسطين الأولى " كما أطلق عليها بعض المعلقين الدوليين المحترفين. أما لماذا انضمت هذه القرية إلى حائزي جائزة " مؤسسة الفكر العربي" التي تقدم جوائز أخرى مثل : جائزة الإبداع الفني ، جائزة الإبداع الأدبي ، جائزة الإبداع الإعلامي ، جائزة الإبداع الإقتصادي ، جائزة الإبداع العلمي ، فإن لذلك قصة.
اعتاد سكان هذه القرية التي التهم الجدار العنصري الإسرائيلي مساحاتٍ واسعة من أراضيها و التي يعاني 70% من أهلها من البطالة ، اعتادوا على تنظيم مظاهرة احتجاجية كل يوم جمعة ضد هذا الجدار الذي قسّم قريتهم ، و نجحوا في صناعة أشكال و نماذج ملفتة في مقاومتهم السلمية الشعبية ، مما جعل عشرات من الناشطين الأوروبيين و دعاة السلام الإسرائيليين يلتحقون بهم و ينضمون إليهم في مقاومتهم لبناء هذا الجدار . حتى أصبحت القرية قبلة عشرات من المتطوعين العالميين و المؤسسات الحقوقية ، و تحولت إلى قضية رأي عام دولي ببعدها الإنساني اليومي.
لحظت " مؤسسة الفكر العربي" دون أدنى ريب أن هناك جديداً ما تقدمه قرية فلسطينية صغيرة معتمدة على خبرتها الذاتية و على ما هو ممكن ، إضافة لإرادة فولاذية جماعية انصهر فيها ناس هذه القرية الذين يربطون أنفسهم بأشجار الزيتون رافضين التزحزح أو ينبطحون على الأرض في مواجهة الجرافات و السيارات العسكرية الإسرائيلية ، و الذين يخترعون وسائل بدائية ناجحة لحماية أنفسهم من الأنواع المتجددة للغاز المسيل للدموع و من طلقات الجنود الإسرائيليين.
آخرما تفتق عنه إبداع سكان هذه القرية أن أفراحهم يتقدمها العروسان تضحي تظاهرة احتجاجية تتقدم بجرأة نحو حواجز جيش الإحتلال و يشارك بها أفراد من عشرات الجنسيات ، كثيرون سقطوا صرعى حتى هذه اللحظة من أهالي قرية بلعين ... و لكن سيلهم المنهمر يتدفق كل يوم جمعة ، لينسجوا جزءاً من ملحمة إبداعية ثورية بامتياز ، و ليحققوا إنجازات لا بأس بها قياساً على ما تيسر لهم ، ذلك أنهم استعادوا 1100 دونم من أراضيهم ، و بدأت قرى أخرى باقتفاء خطواتهم و التعلم منهم في صياغة طرق جديدة لمقاومة الإحتلال ، و هذا ما جعل من هذه النار تضيء الدرب أمام قرى أخرى كنعلين و معصرة و عوفر ، أسماء لقرى لم يسمع عنها إلّا المتابعون المهتمون بجعل مواجهة الإحتلال واجباً يومياً ، و هم قلة هي أيامنا هذه .
وليـد قـدورة
صيدا - جنوب لبنان
30/1/2010
العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"
|