صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

وليد قدورة


رد اعتبار

ليس لديّ أي معلومة دقيقة عن أحوال جميلة بوحيرد . بحزن شديد قرأت ما قيل عن استغاثتها طالبة توفير العلاج لها و هي التي أمست في منتصف السبعينات . لا يكاد المرء يصدق أن أجمل الجميلات عانت من إهمال لحقبةٍ من الزمن أو أنها تحولت إلى رقم منسي و هي واحدة من آلاف الرموز المضيئة في التاريخ العربي ، التي لم تبحث عن استعراض أو امتيازات خاصة.

التبس عليّ الأمر ، قد تكون الصرخة التي أطلقتها مدسوسة من شخص مغرض في إحدى جهات الإنترنت ، قد يكون هناك من يريد أن يشعل فتنة أو يضرم ناراً ، و الوطن العربي لا يحتاج لحرائق جديدة ، و لكن صدى الصرخة تردد في أكثر من صحيفة و دورية ، و لم ينف أو يؤكد أحد ما صحة المأساة أو بطلانها ، كما لم يعرف حتى الآن إذا كان جرى الاهتمام بجميلة و رعايتها كما ينبغي ، و كما تستحق أم أن القضية طمست كما يحدث لمئات الآلاف من الأزمات التي يلفها مصير غامض في زماننا و مكاننا .

ربما كان كثيرون من هذا الجيل لا يعرفون الكثير عن امرأة اختارت أن تعيش في الظل بعد أن أدت دورها الكفاحي بامتياز لتحرير وطنها من الاستعمار في الخمسينات . هي الصبية التي كانت تعشق الرقص و ركوب الخيل و تصميم الأزياء ، طلقت كل ذلك منخرطة في صفوف المقاتلين من أجل بلدهم ، لتسجن و يحكم عليها بالإعدام بعد أن تخضع لأبشع أنواع التعذيب ، هذه الجميلة اهتز العالم آنذاك ، بمؤسساته الإنسانية و الحقوقية ، تحت وطأة النداءات المتلاحقة من كافة الأصقاع العربية ، فأوقف تنفيذ الحكم و أطلق سراحها في أوائل الستينات.

أعادتني استغاثة جميلة - إذا صحت- عقوداً إلى الوراء ، حيث هرعنا إلى دار السينما المكتظة لنحظى بمقعدٍ نتملى و نحن جالسون عليه بوجه "ماجدة" و "أحمد مظهر" و هما يقدمان عملاً من أروع أعمال السينما المصرية يحكي قصة "جميلة" ، و أرجعتني إلى قصيدة الشاعر العملاق نزار قباني و هو يتغنى ببطولتها في واحدة من أكثر أشعاره صدقاً و عذوبة ، و التي تحولت إلى أغنية رائعة يصدح بها لا " صوت العرب" وحده بل أغلب الإذاعات العربية ، ليس ذلك فقط ما أيقظته فينا كلمات جميلة في ندائها ، بل تلك السيمفونية الوطنية المدهشة التي كانت يهدج بها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ و مجموعة من المطريبن العرب ينشدون : وطني حبيبي.. الوطن الأكير.

" أطلب منكم أن تتوقفوا عن إهانتنا" . هكذا لخصت جميلة الوضع برسالتها، كم من المناضلين القدامى الصامتين القابعين في بيوتهم ، أو المرتاحين في سرائرهم ، و المتسمرين في كراسيهم المتحركة ، كم من هؤلاء أحسوا أنها الناطقة بإسمهم ، و التي تحكي بلسانهم قصة الأمس التي تغير مضمونها و تبدل الآن ، صحيح أن كل ما يحدق بنا أصبح عجيباً و غريبا ، لكن الضمائر ينبغي أن لا تموت هي الأخرى ، حتى لا تنقلب الكبوة إلى سقوط نهائي.


وليـد قـدورة
صيدا - جنوب لبنان

30/1/2010



العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600