صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

وليد قدورة


جسدي هو الأسوار

فعلها إذن شباب أوركسترا فلسطين، تأبطوا معداتهم الموسيقية وإخترقوا. اكثر من حدٍ، ليطلّوا على جمهورٍ كان ينتظر على أحر من الجمر ما يمكن أن يصنعوه.

لخمسة أعوام مضت ظلوا كامنين في أحياء القدس العتيقة. لم يكونوا يجهزون أنفسهم لعملية إنتحارية. لم يترّبصّوا لمفاجأة خصومهم في عتمة الليل، ولم يكن السلاح ما يتدربون عليه. ناي، غيتار، بيانو، عود، هي بعض من أسلحتهم التي تسللوا بها عبر الحدود. لا شكّ أن أدواتهم هذه خضعت لكل صفوف التدقيق الإلكتروني والبشري قبل أن يصعدوا سلالم طائرة أو يتوقفوا عند نقطة تفتيش شقيقة.

ولا بدّ أن جوازاتهم جرى التحقق منها والتأكّد أن أصابعم النحيفة الطويلة وأنفاسهم الملتهبة وأعناقهم الملتوية لا تستطيع أن تجود الاّ بالموسيقى والغناء، فدعوهم يعبروا إذن.

وصلوا أخيراً الى "مهرجان بيت الدين" في لبنان: الذي حلموا أن يجعلوا من منصته وسادة تكريم في الذكرى الأولى لغياب الشاعر محمود درويش. أرادوه إحتفالاً على طريقتهم ووفق رؤاهم وبما يتخيّلون. تزاوج الشعر والموسيقى، وتسلل الطرب الأصيل الى آذان المسمعين، وإشهار الإبداع في مواجهة التعصّب والتزمت وكرنفالات الشعارات اللفظية المممجوجة، ومقارعة الآخر بنوتاتهم وكلماتهم الصادقة وتبشيرهم بولادة جديدة قادمة بعد هذا المخاض العسير.

الأمور ليست كما تبدو دائماً، في أعماق كل شعب، ومهما كثرت المصائب والكوارث، هناك ثمة أشياء آسرة تبعث الأمل وتفتن الخارق بأخدانه. وهذا ما فعل شباب الكونسرفتوار الوطني الفلسطيني في مهرجان غنائي حوّلوه الى مظاهرة شعبية عارمة، تشقها حناجر قوية حادة من مختلف المذاهب والفئات والشرائح الإجتماعية نستذكر معهم وتردد ورائهم ملحمة محمود درويش: أنا أحمد العربي، فليأتِ الحصار وتشاركهم الغناء بحماس متقطّع النظير في إستعادة ملفتة لذكرى مجزرة منسية في مخيم تل "الزعتر" جرت قبل ثلاثة عقود من الزمن كاد الناس أن ينسوا تفاصيلها. لولا أن هذه القصيدة خزّنتها في الذاكرة البشرية. وهذا أروع ما يفعله الشعر و الغناء، إذ يخلق الإثنان في داخلنا صحوة لا تشبه الصحوات الكاذبة المستعارة التي سرعان ما يأفل نجمها. وإنما يؤسسان لتمردٍ خارج عن إطار المؤسسات الجامدة والقوالب الجاهزة.

حسناً فعل هؤلاء الفتيان والفتيات الذين جاءوا من كافة المناطق الفلسطينية، وتجمعوا تحت راية واحدة تشكّل ضماناً لشعب أثخن بالجراح، وأيقنوا أن خلاص الأمم يكون بتشغيل العقل وإيقاظ الحس الإبداعي. وأن الإبقاء على جمرة الحياة المشتعلة يكون بالنفخ عليها.وتسخين أطرافها، والإصغاء الى هسهستها. وحسناً فعل منظمو الأنشطة السياحية حين إستطاعوا التوفيق بين متعة إكتظاظ لبنان بزائرين عرب من كافة الأقطار رغم حرارة الصيف. وإنقطاع الكهرباء، وزحام السير. وبين دق جرس الإنذار هذا علّ صدى ناقوسه يصل الى كل الأسماع، مستوحياً من الموسيقى والشعر، رواية الشقاء الذي لا زال شعب كامل يرزح تحت وطأته منذ عقود.


وليـد قـدورة
صيدا - جنوب لبنان

25/9/2009



العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600