صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

وليد قدورة


أهلاً بكم...في البرازيل

فلسطينيون يساقون إلى البرازيل، لا خيار لديهم. إما أن يذهبوا إليها أو تبتلعهم الصحراء و تلتهم لحمهم الجاف العقارب السامة و الثعابين. إنه صراع البقاء. الإصرار على تجديد الحياة و الإستمرارية حتى لو جاء ذلك من أقصى الدنيا . في الأمر حسناتٌ كثيرة. دعونا لا ننظر إلى الوجه الدرامي للمسألة. البرازيلي حنون. البرازيلي أشفق على الفلسطينيي بعد أن سمع أنه يتضور جوعاً ً، و يعاني عسفاً ً و رعبا ً في مكان يفترض أن يعيش به بأمان. مالنا و المفترض، دعونا نحيا الواقع. لقد سدّت الدروب، ، و تقطعت أوصال الفلسطنيني. حصاره طال. الخداع الأخوي و الدولي يوقع به. موته البطيء أصبح منسياً ً . المجازر التي ترتكب بحقه أفرادا ً و جماعات منسية. قتله لم يعد فرديا ً بل جماعيا ً . المبررات دوما ً جاهزة. كل ما يحدث له من مآسي يستخرج له عذر مناسب.

البرازيلي حنون. أحس باللوعة نحو هؤلاء المنسيين منذ سنوات، تحرقهم الشمس ويلسعهم البرد، و يجري اصطياد الهاربين منهم خارج المخيم. التضامن البرازيلي عوض هذه العينة من الفلسطينيين ظلم ذوي القربى، قدم لهم الحقائب الملونة المزركشة. الشاحنات المكيّفة. وجبات الطعام الساخنة. ضمد جراحهم. تبرع بوضع علامات على جثامين من دفنوا هناك على طرف الصحراء. قدم لهم جوازات سفر مؤقتة. أمن لقافلتهم الحماية بينما تتجه إلى المطار. جاءهم بالحليب لأطفالهم الذين انقطعوا عن شربه منذ شهور.ركبوا الطائرات . رحلوا إلى البرازيل.

كثيرة هي الدروس التي سيستوحيها الجيل المهجن من الفلسطنيين في البرازيل. كثيرة هي الخيارات. أسوأها أنه انتزع انتزاعا ً من أرض عربية. و أنه اقتيد طوعا ً إلى منفىً بعيد حين أدار له الأخوة ظهورهم. سيعرف هذا الجيل آجلاً أم عاجلاُ أن البرازيل جزءٌ من أميركا. عذرا ً من أميركا الجنوبية. و أن عليه أن يدرس جغرافيا و تاريخ البلد الذي استضافته. بإمكانه أن يتبع خطى لاعبي كرة القدم الذين أنجبتهم تلك الجنوبية، و أن يقرأ السجِّل الشخصي لبيليه و رونالدو و مارادونا علّ ذلك يلهيه عن متابعة المسلسل الدامي الذي اعتاد مشاهدته يومياً على فضائيات لم تكترث لأمره، مسلسل لا ينتهي من صراع الأخوة الأعداء، و هبوط بائس لقضية رابحة مضمونة أصلاً، يعبث بها لاعبون هواة.

و بإمكان بعض هذا الجيل القادم أن يقرأ روايات و قصصاً عن أبطالٍ و ثوريين ولدوا في تلك الأرجاء، و توزعوا في بؤر عديدة من العالم، أو ساهموا بصياغة الأحداث كما أرادوها و رأوها هم دون أدنى تأثير خارجي ، لهم ، بينما يقبعون في معسكراتهم الجديدة في الضواحي أو على ضفاف الأمازون، أن يعرفوا شيئاَ عن فيفا زاباتا، أو سيمون بوليفار، عن تشي جيفارا أن باتريك أرغويللو ، عن كارلوس أو أي شخصية تحكي اللغة المحلية ممزوجة بالإسبانية . و لهم أيضاً أن يتسلوا بحكايات قاطعي الأخشاب و مقتلعي الأشجار القديمة جداً في أدغال الأمازون. أو أن يتعمقوا بسيرة القادمين من البحر الهائج بسفنهم المدججة بالمدافع ، و الذين أزالوا إحدى أعرق الحضارات الإنسانية المنتشرة بين الغابات و القائمة في أعلى الجبال.

الفلسطينيون سيجدون دون أدنى شك من يصغي إليهم رغم صخب الموسيقى "السامبا" سيكتشفون قبائل منسية رفضت الإنخراط في العولمة الكاذبة، قبائل اختارت العزلة و التفرج بعد أن أفلتت من العقاب الجماعي و عملية الإفناء المنهجي للهنود الحمر، السكان الأصليين لتلك البلدان . سيجد الفلسطينيون أن لغة مشتركة تجمعهم بهؤلاء، وتصهرهم ، و تجعل تضامنهم فعلياًً ، صلبا،ً و صارماً، و حاداً.

شكراًً للبرازيل. سمعنا زوراً ً أنها بلد يلجأ إليه اللصوص و مهربو الأموال و النازيون القدامى. ليس كل ما نسمعه صحيحاً ً . البرازيليون ذوو اللون الخلاسي لطفاء، يتمتعون بالشهامة يغارون على أخوتهم في الإنسانية. يمنحهونهم قطعة من أرضهم، لا يبنون حولها سياجاً. لن يجز البرازيليون فروات رأس الفلسطنيين. لن يكتبوا على أبواب معسكرهم wanted. سيحظى الفلسطينيون هناك بجواز سفر ذهبي. سيحظون بفرص عمل. ورعاية صحية. سيلتقطون أخبار الأهل في الوطن. مهما طالت غربتهم سيكون لهم وطن.


وليـد قـدورة صيد - جنوب لبنان

13/6/2009



العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600