تخاذل من الدرجة "العليا"!
من اليوم اصبح قانون النكبة الذي سنّه الكنيست الاسرائيلي، يحمل دمغة المحكمة العليا التي تدعي العدل. ان مصادقة المحكمة العليا على هذا القانون هي اشعار بافلاس هذه المؤسسة القضائية الارفع في البلاد واعلانها عن عدم نيتها الدخول في صدام حقيقي مع المؤسسة التشريعية اليمينية بغالبيتها الساحقة.
في ظل الهجمة التي تتعرض لها المحكمة العليا من المشرعين الاسرائيليين اليمينيين كان من المتوقع ان تقدم هذه المحكمة مهما تلفعت بغطاء العدل تنازلات – لا نقصد بها ايديولوجية اذ ان مجمل التاريخ القضائي في اسرائيل وخاصة قرارات المحكمة العليا يثبت انها لم تبتعد كثيرا عن الاجماع القومي الصهيوني وانها لم تتجرأ فعلا على تحدي مسلمات هذا الاجماع وبالتأكيد لن تقوم به الآن وهي تنوء تحت ثقل الهجمة التي تتعرض لها. ان التنازلات التي نتحدث عنها هي تنازلات في صميم الاخلاقيات المهنية القضائية الاساسية التي تفرض الاحتكام الى المرجعيات الحقوقية الاساسية والتي من شأنها ضمان حرية التعبير عن الرأي واحترام حرية الانتماء والهوية.
تكمن خطورة القانون المسمى بقانون النكبة ليس في العقوبات التي ينص عليها ضد كل متلق لميزانيات من الدولة يحيي ذكرى النكبة، رغم اهمية ومدى الاجحاف الذي تفرضه هذه العقوبات، وانما في كونه ينتهك بشكل فظ مجمل الحقوق الاساسية التي ذكرناها بما في ذلك حق أي فئة بالتنظم والعمل بشكل ديموقراطي سلمي للتأثير على ماهية الدولة التي تحيا داخلها.
ان قانون النكبة يخرج هذا الحراك الشرعي خارج دائرة القانون ويعتدي على حق الجماهير العربية والقوى الدمقراطية اليهودية في التصدي للرواية الصهيونية وتحدي عملية الاخراس التاريخية للرواية الفلسطينية في هذه البلاد.
لقد قررت المحكمة العليا اعفاء نفسها من الدخول في احدى القضايا الشائكة المطروحة للنقاش على الرأي العام الاسرائيلي، والانصياع طواعية للحدود الجديدة التي يرسمها اليمين الاسرائيلي لهذه الهيئة القضائية، وبهذا تكون قد ثبتت من جديد ما عرفناه سابقا عن تخاذلها في الحسم في القضايا الجوهرية وتراجعت خطوات جديدة الى الخلف.
الاتحاد
|