مناضل قومي عربي ناصري غادرنا إلى دنيا البقاء. عرفت فيه الصدق والصلابة والإيمان بالقيم الأخلاقية والروحية والإنسانية والقومية والوطنية. إنه الراحل الكبير المحامي والنائب والكاتب والشاعر والأديب الأخ العزيز أحمد سويد.
سمعت منه الكثير الكثير وهذا بعض من سيرته العطرة التي طبعت بالكفاح منذ صغره وفتوته وشبابه وكهولته:
«في قرية صغيرة تقع في السفوح الغربية لجبل الشيخ تدعى كفر حمام، ولد طفل لشيخ شاب كان لا يزال يتردد على المعاهد الدينية في دمشق، للتمكن من العلوم الدينية في الوقت الذي كان فيه إماماً لجامع القرية. وما ان بلغ الطفل أحمد الخامسة من عمره حتى بدأ يتلقى الدروس في المدرسة الصغيرة التي أنشأها والده لتعليم أبناء القرية بصورة مجانية. وفي العاشرة استضافه لمدة سنة القاضي الشرعي في حاصبيا الشيخ رشدي الخماش الذي كان صديقا لوالده.
وعندما راح يسعى للحصول على قرض من جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية للتخصص في الأدب العربي في القاهرة، نصحه مارون عبود الذي كان يقرأ لـ«ابن حرمون» بأن يتخصص في مادة تطعمه خبزاً، وليجعل بعد ذلك الأدب وفنونه هواية. ولما كانت ظروفه المادية لا تسمح له بالانتساب إلى الجامعة اليسوعية، انتسب إلى كلية الحقوق في الجامعة السورية، ثم انتقل إلى اليسوعية تطبيقاً للقانون الذي يفرض على المتخرج من أي جامعة أجنبية دراسة سنة رابعة في هذه الجامعة. وأثناء دراسته الحقوق مارس التدريس في الكلية الشرعية في بيروت التي كان يشرف عليها المفتي الأكبر محمد توفيق خالد.
أما فترة التدرج في مهنة المحاماة فبدأها في مكتب الزميل المرحوم أنور الخطيب الفقيه الدستوري وأنهاها في مكتب الزميل الشهيد ناظم القادري، ثم أعلن في نهايتها استقلاله فاستأجر مكتباً صغيراً في شارع المعرض.
كنا في الخمسينيات والستينيات نسارع لنشارك في المناسبات التي للراحل الكبير فيها كلمة أو قصيدة نسمعه، وهو الناصري الملتزم، فتلهب مفرداته الجماهير وتوجهها التوجيه الصحيح نحو استنهاض الأمة والعمل على وحدتها وحريتها وتعزيز ثقافة المقاومة في أبنائها لتقف بوجه العدو الصهيوني وتحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر.
أحب مهنته وبادلته الحب، وساهم مساهمة فعلية في النشاطات النقابية، كما ساهم مساهمة فعلية في اختيار النقابيين، وعمل إلى جانبهم لرفع شأن المهنة وتعزيز رسالة المحامين، وترسيخ العدالة وتأكيد استقلال القضاء والمحاماة.
سنبقى أوفياء لسيرتك العطرة وأنت مع الصديقين والأبرار، وسنبقى مع إنتاجك الأدبي، مع خطك القومي والوطني والمهني والأخلاقي مهما كلفنا ذلك من تضحيات.
عن السفير
12/6/2012
|