الفنان العراقي ناظم الغزالي وحكايته مع المطربة سليمة مراد - حسين محمد العراقي
|
في مقهى الشابندر ببغداد ألتقيتُ مع الناقد والأديب كمال لطيف سالم مؤلف كتاب ناظم الغزالي سفير الأغنية العراقية وكان لنا معهُ شريط من الذكريات وحكايات فنية لاحقة عاشها المؤلف مع كبار الفنانين في دائرة الأذاعة والتلفزيون خلال مرحلة السبعينات.
في منتصف السبعينات رحلت الفنانة الرائدة سليمة مراد بعد أن عاشت حياة طويلة من الشهرة والمال والعطاء حتى أنها حصلت على لقب (سليمة باشا) وهذا اللقب لايحصل عليهِ الا نخبة مميزة من الناس.
وأكدت المصادر أنها ولدت في بغداد محلة بني سعيد سنة 1901 وفي هذهِ المحلة كان يقطن كبار العازفين من اليهود وهم أعضاء الجالغي البغدادي بوسط هذهِ الأجواء المفعمة بالطرب نما وترعرع عندها حب الطرب والغناء فأخذت تستمع الى المقام العراقي والبستات القديمة حتى أصبح عندها رصيد من الأرث الغنائي والموسيقي وقامت بتقديم الحفلات في البيوت المشهورة حتى أصبحت شهرتُها في الأنتشار فغنت في الثلاثينيات في مقهى الشورجة ثم غنت في ملهى الهلال ثم أنتقلت الى عدد من الملاهي المشهورة أنذاك.... وفي تلك الفترة تعرفت بالشاعر عبد الكريم العلاف الذي كتب لها أجمل الأغاني منها (خدري الجاي خدري.... وكلبك صخر جلمود ....وعلى شواطي دجلة..) وغيرها كثر كما أخذ يلحن لها الموسيقي صالح الكويتي في عام 1935 وكذلك ألتقت بمدرسة الفن العربي أم كلثوم في مسرح الهلال عندما أتت الى بغداد لأول مرة ةتأثرت بأغنية (كلبك صخر جلمود ماحن علي) ومن شدة أعجابها بالأغنية سجلتها على أسطوانة وأحتفضت بها الى مصر ... ومن خلال احدى حفلاتها التي حضرها لفيف من الأدباء ومنهم الأديب المصري زكي مبارك أعجب بصوتها وأطلق عليها (ورقاء العراق؟
قصة حبه
يذكر الفنان الراحل ناظم الغزالي أنهُ غنى مع سليمة مراد في بيت الدهان سنة 1952 و قال من خلال الحفلة التي غنينا بها رف قلبي وشعرت بالأحساس بأنها تميل لي وكان جمعنا من خلال فترة الزواج قد أصبحت سليمة لي حب فني وروحي سينضج بعد سنين.
وفي عام 1953 تم لقائهما مرة ثانية بحضور الأستاد محمد القبنجي الذي بارك زواجهم الفني وخلال فترة الأقتران كانت سليمة التي أصبحت الزوجة والمعلمة فحفظ منها أكثر الأغاني والبستات القديمة فبزغ نجم الغزالي بعد أن دخل معهد الفنون الجميلة وأنضم الى فرقة الزبانية مع الحاج ناجي الراوي وفخري الزبيدي وحميد المحل وحامد الأطرقجي فقدموا مسرحية (الزباء) التي ألفها حقي الشبلي وكان ناظم الغزالي دورهُ (رجب الأخرس)علماً هذه المسرحية كانت سبباً في دخول الغزالي الى الأذاعة والتلفزيون والأنضمام الى فرقة الموشحات التي كان يقودها علي الدرويش فدرخ الموشحات والمقام والبستات ... ومن خلال ذلك تعرف على الموسيقار جميل بشير الذي أستمع له وصاغ بعض الأغاني القديمة بأطار جديد مثل( فوك النخل....وطالعة من بيت أبوها)علماً سجلت لصالح شركة قيمقجي ولاقت النجاح الباهر وسجلت في الأذاعة وأعيد بثها أكثر من مرة فأصبحت شهرة ناظم الغزالي تأخذ بالأفق بعد أن أخذ يكتب له الشاعر جبوري النجار ولحن له ناظم نعيم وخضر الياس وجميل بشير وجميل سليم .... وعندما أصبح مطرب لامع ونجماً ساطع توجه
الراحل ناظم الغزالي توجه للكويت لانهُ يمتلك مؤشرا كبيرا على نجاحه عندما غنى (عيرتني بالشيب وهو وقار) و(أي شيء في العيد أهدي أليكي يا ملاكي) مع عدد من المطربين المشهورين يوم ذاك .... وقد سجلت لهُ هذه الحفلة على جهاز فيديو لأول مرة في أواخر حياتهِ؟ أضاف الفنان الراحل الى فنهِ المرموق ليكتب للصحف العراقية ومنها المقتطف والبلاد وأخبار المساء كما أخذ يؤلف كتب عن المطربين والعازفين في زمانهِ فكتب عن القبانجي وبعض المشاهير ومنهم رشيد القندرجي وأحمد الزيدان وغيرهم كثر ....
أشترك الغزالي في فلم 'لبنان في الليل' وغنى مع المطربة (جاكلين) في الستينات.. طالعة من بيت أبوها.
ومن خلال رحلتهُ الى القاهرة أستمع اليهِ الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب وأعجب بهِ ولحنين صوتهِ قرر أن يلحن لهُ بعض الأغاني بكلمات عراقية .. وكان مقرراً أن يعود الغزالي الى بغداد ليكلف مجموعة من الشعراء لكتابة كلمات أغانيه ومشروعهُ الجديد لكن للأسف وافتهُ المنية بالوداع الأزلي بتأريخ 20/ 10 /1963 عندما كان يحلق ذقنهُ وبوداعهِ ماتت موهبة عزٍّ نظيرها ومشاريع أكبر كان مقدر لها أن تحدث تغييراً في الأغنية العراقية ... والقادم الجديد أرقى وأنقى وأسمى عبيراً .
صحافي من العراق
3/4/2012
|