(عن اسطورة صينية) - الحصان الذي نسي الركض - ترجمة: محمد الصخري
|
كانت خيول وحشية تعيش في رغـد وسلام وسط غابة شاسعة. وكانت تتغذى على الاعشاب الوفيرة وترتوي من مياه الينابيع العذبة وتنام تحت الأشجار الوارفة الاوراق. وذات يوم حدثت لأحدها كارثة، فالحصان الابيض البديع وقع في قبضة صعلوك اصطحبه الى منزله ليدجنه ويستغله في خدمة اغراضه.. وبعد مدة وتحت ضربات السياط وسوء المعاملة اصبح الحصان طيعا أليفا يعرف كيف لا يثير غضب سيده الصعلوك.
فعند ادنى حركة من اللجام يدرك اي اتجاه يسلك..وبحسب حدة ضربات السوط يعرف درجة السرعة المطلوبة وامسى يفهم معاني وخزات الركاب. وانواعها
وبطول المدة والتعود تأقلم مع وضعه الجديد الى حد انه لم يعد يفكر في الهرب حتى عند غفلة سيده عن شده بوثاق. وهكذا نسي طبيعته الاولى ونسي معها حياة الحرية والركض في الغابة الفسيحة وكــأنّــه لم يعش ذلك الا في حلم جميل قديم عابر.
وذات يوم مات سيده وبعد ايام لم يجد بدا من العودة الى الغابة والى قطيعه..وحال
وصوله هرع اشقاؤه واصدقاؤه من الخيل لاستقباله..وللتعبير له عن فرحتهم
بعودته نظموا سباقا في الركض. ولكنه عند انطلاق السباق ارتبك ثم تسـمـّـر
في مكانه ولم يقدر على التحرك.
ـ هيا انطلق. قال له احد القريـبـيـن منه.
ـ لــنلـتحـق بهم الان. اضاف الثاني.
غير ان الحصان زاد ارتباكـه وتراجع قليلا الى الوراء فاقــترب منه احد الخيل وسأله مستغربا:
ـ ما بك يا صديقنا العزيز؟ لماذا لا تشاركنا الركض؟
فقال مـتلعـثـما تحت الحاح بقية اترابه:
ـ من دون لجام كيف لي معرفة الوجهة التي عليّ ان اتجهها؟ ومن غير ضربات السوط كيف لي معرفة متى يجب ان اسرع؟ وبلا وخزات الركاب كيف اختار طريقة الركض؟.
فأحاطت به كوكبة من الخيل قائلة له بشفقة واندهاش:
ـ ايها الصديق العزيز ولكنـنــا لا نحتاج الى لجام او سوط ولا الى ركاب او راكب لكي نركض بكل حرية ونتجه الى حيث نريد..عليك ان تنسى هذه الاشباح المرعبة التي تعودت عليها فمن يتعود على الخطأ يتوهم انه الحقيقة ..فهيا انطلق في ارجاء هذه الغابة المنوّرة بالشمس وبالحرية.
وشيئا فشيئا وبعد محاولات عديدة بدأ الاحساس بالحرية يعاود الحصان ثم انطلقت حوافره يرن صداها في ارجاء الغابة.
2/7/2011
|