بمناسبة الذكرى الـ 33 لاستشهاده - فؤاد نصار ... ألبطولة والتضحية
في الثلاثين من شهر أيلول عام 1976 ... استشهد المناضل الثوري الكبير فؤاد نصار "أبو خالد" ... بعد حياة حافلة من البذل والعطاء والكفاح بكافة أشكاله " العسكري والسياسي والنقابي والجماهيري والوطني " متنقلا بين السجون والمنافي والمطاردة والتشريد مدافعا عن العمال والكادحين ... قاتل " بالسيف والقلم " على حد سواء ... قاوم الاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية .
وعندما غادرنا لم يترك وراءه لا مالا ولا بنين ولكنه ترك وراءه مسيرة بطولية وتراثا غنيا بالفكر والإبداع و الرؤية الثاقبة فمن قائد فصيل عسكري في الجبل إلى قائد نقابي لأكبر تجمع عمالي في فلسطين إلى قائد حزبي في عصبة التحرر إلى كاتب لامع ومثقف ثوري.
وفي الذكرى السنوية لرحيل المناضل الثوري والقائد الوطني الرفيق / فؤاد نصار لا يسعنا إلا أن نراجع سيرته النضالية التي ستظل تلهم رفاقه وأبناءه ولكافة الأجيال وتشد عزائمهم وتمدهم بمزيد من الصمود والعطاء والعزم على مواصلة النضال لتحقيق الأهداف التي قضى من اجلها الشهداء والمناضلون ..
نبذة عن حياته :-
• ولد الرفيق / فؤاد نصار عام 1914في قرية بلدوان السورية من أبوين فلسطينيين.
• شارك في المقاومة الفلسطينية منذ ثورة البراق في عام 1929.
• أسس الرفيق فؤاد نصار مجموعات أنصار المسلحة عام 1936.
• في أوائل عام 1939 قاد الثورة المسلحة في منطقة القدس والخليل خلفا للقائد عبد القادر الحسيني الذي جرح في إحدى المعارك.
• انتخب أمين عام "مؤتمر العمال العرب " في فلسطين عام 1945.
• مسؤول تحرير جريدة " الاتحاد " الخاصة بعصبة التحرر الوطني في فلسطين بين عامي 1946 1947 .
• انتخب أمينا عاما لعصبة التحرر الوطني في شباط عام 1948 .
• لعب دورا أساسيا في تشكيل "قوات الأنصار" الجناح العسكري للحزب عام 1970
• عضو المجلس الوطني الفلسطيني عام 1972 .
• حاصل على وسام" الصداقة بين الشعوب" عام 1974 وعلى وسام" ديمتروف "من الدولة البلغارية
47 عاما من الكفاح والنضال :-
• شارك في العمل الوطني منذ ثورة البراق سنة 1929 وساهم في المظاهرات التي انفجرت ضد الاستعمار البريطاني وضد الغزو الصهيوني واحتجاجا على إعدام الوطنيين الفلسطينيين الثلاثة " حجازي وجمجوم والزير" . يقول فؤاد نصار " كانت هذه البداية ومنذ ذلك الحين انغمست في العمل الوطني".
• في عام 1936 عندما وصلت المقاومة الفلسطينية أوجها قام فؤاد نصار بتشكيل "مجموعات أنصار المسلحة" التي كانت تصنع المتفجرات ثم تهاجم المواقع والآليات البريطانية .
• اعتقل في نفس العام وقدم للمحكمة بتهمة " تشكيل منظمة سرية معادية للانتداب البريطاني والقيام بنشاط شيوعي" وحكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة عام يليه عام آخر إبعاد . ولكن نتيجة للإضراب العام في فلسطين أطلق سراح فؤاد نصار مع غيره من المعتقلين السياسيين بعد ستة أشهر من سجنه وفرضت عليه بعد ذلك الإقامة الجبرية في الخليل .
• في هذه المرحلة واصل فؤاد نصار نشاطه السياسي في منفاه في الخليل وتعود السلطات البريطانية وتنفيه بعد أربعة أشهر إلى بلدة يطة بسبب نشاط السياسي غير أن ذلك لم يمنعه من مواصلة نضاله الوطني فتقوم سلطات الانتداب بتقديمه مرة أخرى للمحكمة وتحكم عليه بالسجن سنة أخرى فيقضي شهرا في سجن القدس ثم ينقل لسجن عكا حيث يلتقي هناك بالعديد من رجالات فلسطين الوطنيين والتقدميين وكان ذلك في أواخر 1937.
• قائد الثورة المسلحة في منطقة القدس والخليل عام 1939:
خرج من السجن ولكن سلطات الانتداب البريطانية فرضت عليه الإقامة الجبرية واثبات الوجود في مدينة الناصرة ولكنه لم يتقيد بذلك وفر إلى الخليل ليلتحق بالثورة الفلسطينية من جديد واستدعته القيادة العامة للثورة في أواخر 1938 إلى لبنان ليعود في أوائل 1939 الى فلسطين قائدا للثورة المسلحة في منطقة القدس والخليل خلفا لقائد الثورة عبد القادر الحسيني الذي جرح في إحدى المعارك وظل في قيادة الثورة لهذه المنطقة حتى أواخر عام 1939 حين بدأت الحرب العالمية الثانية وأخذت السلطات الفرنسية في سوريا ولبنان تضيق الخناق على الثوار .
• حنكته العسكرية وتكبيده العدو خسائر فادحة :
قاد عدة معارك ضارية ضد وحدات من جيش الاحتلال البريطاني بينها معارك كسلا و عرطوف وأم الروس ومار الياس وغيرها حيث كبد العدو خسائر فادحة بالرجال والعتاد وتجلت في كل هذه المعارك شجاعته الفائقة وحنكته العسكرية وإخلاصه المتناهي للقضية الوطنية ووفاؤه التام ومحبته وصلاته الوثيقة بالجماهير الشعبية التي التفت حوله وأحبته وحافظت على حياته عندما أصيب أثناء القتال بجروح بالغة في يده اليمنى وكتفه في أكتوبر 1939.
حياته في المنفى ومرحلة نضالية أخرى...• في منتصف شهر كانون الأول من عام 1939 انسحب بناء على توجيهات القيادة العامة للثورة مع مجموعة من رجاله إلى بغداد وهكذا انسحب على رأس رفاق سلاحه إلى الأردن مشيا على الأقدام ووصل إلى بغداد عبر الصحراء بتاريخ 1/1/1940.
• دخل الكلية العسكرية في بغداد وتخرج منها بعد 9 أشهر .
• في آذار عام 1941 قامت ثورة الضباط الوطنية في بغداد ( حركة رشيد الكيلاني) ضد الانجليز واشترك فيها وانسحب بعد فشل الحركة مع رفاقه الثوار إلى إيران في شهر حزيران من نفس العام ووصلوا إلى مدينة كرمنشاه غير ان السلطات الإيرانية لم تسمح لهم بالبقاء .
• في صيف 1941 اعتقلت السلطات البريطانية فؤاد نصار وعددا من رفاقه وهكذا زج به في السجن وقد استمرت فترة إبعاده وسجنه ثمانية عشر شهرا وخلال وجوده في العراق تعرف على جميع الشخصيات الوطنية البارزة في العراق ولا سيما قادة الحزب الوطني .
• في أواخر عام 1942 أصدرت حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين عفوا عاما عمن شاركوا في الثورة عند ذلك استدعت السلطات العراقية اللاجئين السياسيين الفلسطينيين وخيرتهم ما بين الرجوع إلى فلسطين او البقاء في العراق واختار فؤاد نصار الرجوع فورا إلى فلسطين ووصلوا في 1/1/1943.
• فرضت السلطات البريطانية عليه الإقامة الجبرية في مدينة الناصرة وهناك أعاد اتصاله بالعمال والنقابيين الذين كان قد تعرف عليهم في الثلاثينيات وانضم للحركة النقابية التي كانت قد تطورت في ظروف الحرب العالمية الثانية تطورا كبيرا.
• في أواخر عام 1944 انعقد المؤتمر الأول " للعصبة " واقر برنامجها وانتخاب لجنتها المركزية وانتخب الرفيق فؤاد نصار احد أربعة أمناء للجنة المركزية للعصبة .
• نضاله النقابي..... وانتخابه أمين عام مؤتمر العمال العرب في فلسطين
في عام 1945 تأسس " مؤتمر العمال العرب في فلسطين وقد شارك الرفيق فؤاد نصار بشكل فاعل فيه وفي غمرة نضال مثابر ضد القيادة الرجعية التي كانت تسيطر على الحركة النقابية في فلسطين وانضم إليه " اتحاد العمال العرب " الذي كان قائما من قبل ذلك وانتخب فؤاد نصار أمينا عاما للمؤتمر وأصبح مسؤولا عن تحرير " جريدة الاتحاد " لعصبة التحرر الوطني في فلسطين واستمر فؤاد نصار مسؤولا عن تحريرها بحكم موقعه في قيادة " العصبة " واستمر كذلك طوال عامي 19461947 .
• في شباط 1948 انعقد في الناصرة "الكونفرس " الأول واختير فيه الرفيق فؤاد نصار أمينا عاما للجنة المركزية للعصبة .
• بعد نكبة عام 1948 تمزق شمل العصبة وأقام فؤاد نصار وبعض رفاقه في القسم الذي عرف فيما بعد بالضفة الغربية وبدأ فؤاد نصار مع هذا العدد القليل ببناء الحزب من جديد بعزيمته الفولاذية وإصراره العنيد محتفظا بالتسمية السابقة "عصبة التحرر الوطني في فلسطين" وكانوا يطالبون بإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة .
إعتقاله والحكم عليه السجن لمدة عشر سنوات عام 1951• بعد ضم الضفة الغربية للأردن اتخذت قيادة العصبة في أيار عام 1951 قرارا بتشكيل "الحزب الشيوعي الأردني " وصاغ نصار برنامجه الأول ووافقت عليه اللجنة المركزية واختارت اللجنة المركزية فؤاد نصار أمينا عاما للحزب ولكن في نهاية عام 1951 القي القبض عليه بعد ثلاثة أشهر من مجيئه لعمان وقدم للمحكمة وحكم عليه بموجب ما يسمى بقانون مكافحة الشيوعية بالسجن لمدة عشر سنوات قضى منها 6 سنوات وبقي في سجن الجفر الصحراوي طيلة هذه المدة مقيدا بالسلاسل الحديدية في قدميه وعندما انتهت مدة محكوميته في تموز من عام 1956 رفضت السلطات الأردنية إطلاق سراحه ولفقت له تهمة الدخول للبلد بشكل غير مشروع بعد ان رتبت مع المخابرات السورية مؤامرة رميه على الحدود الأردنية السورية ثم أعيد إلى الأردن ليقدم للمحكمة من جديد إلا أن المؤامرة افتضحت وأطلق سراحه في أواخر العام 1956 في أعقاب حملة جماهيرية محلية وعربية ودولية واسعة كذلك في أعقاب العدوان الامبريالي الثلاثي على مصر وفي أعقاب انتخابات برلمانية اكتسحت فيها القوى الوطنية والتقدمية أغلبية مقاعد مجلس نواب الأردن وحصل الحزب على مقعدين بالرغم من الحظر المفروض عليه قانونيا جاءت الحكومة الوطنية في الأردن برئاسة سلمان النابلسي التي أقرت إطلاق سراحه.
تمثيله للحزب في الاجتماعات والمؤتمرات العالمية
• مثل الحزب في مؤتمرات واجتماعات الأحزاب العمالية العالمية في 1957 1960 1969 وكان مدافعا ثابتا عن نقاوة النظرية واستقر به المقام في أوائل العام 1960
في ألمانيا الدمقراطية حيث مكث هناك حتى أيلول عام 1967.
تشكيل قوات الأنصار المسلحة عام 1970.
• في نيسان 1970 عقد الكونفرس الثاني للحزب في عمان بقيادة فؤاد نصار وانتخاب اللجنة المركزية للحزب والتي انتخبت بدورها فؤاد نصار بالإجماع كأمين أول لها واقر الكونفرس اتفاق الأحزاب على تشكيل منظمة أنصار المسلحة باسم "قوات الأنصار" للمساهمة في الكفاح المسلح ضد العدوان الامبريالي – الإسرائيلي ضد الشعوب العربية في عام 1972 اختير فؤاد نصار عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني.
حصوله على وسام الصداقة بين الشعوب
• في تشرين الثاني من عام 1974 منحت هيئة رئاسة مجلس السوفييت الأعلى الوسام الرفيع " وسام الصداقة بين الشعوب " للرفيق فؤاد نصار بمناسبة بلوغه الستين وتقديرا لدوره البارز في الحركة الوطنية للشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني ولإسهامه الشخصي الفعال في تعزيز الصداقة والتحالف بين الشعوب وكانت قد منحته قبل ذلك وساما رفيعا هو " وسام ديمتروف "
رحلته مع المرض
• في تشرين الأول عام 1975بدأت رحلته مع المرض وظل يعاني الآلام التي لم تعد تنفع معها المسكنات بصبر ورباطة جأش وأثناء ذلك لم تفارقه دعابته وروحه المرحة واستمر على صفائه الفكري يناقش أدق المسائل حتى وافته المنية وهو في عنفوان عطائه في 30ايلول عام 1976.
لفؤاد نصار نشاط فكري واسع
• كان للرفيق فؤاد نصار نشاط فكري واسع فقد كان كاتبا لامعا ومثقفا ثوريا كرس قلمه لكتابة مئات المقالات في الصحف المحلية والعربية والعالمية والتي لعبت دورا كبيرا في تعريف الرأي العام العالمي على قضية ونضال شعبنا الفلسطيني ومن ابرز مؤلفاته "القضية الفلسطينية وموقف الزمرة المنشقة منها" والمهمات المطروحة امام الحزب في الظرف الراهن.
• وأخيرا فان فؤاد نصار سيبقى في القلب والوجدان بفضل مسيرته النضالية التي تميزت بالصدق والاستقامة والجرأة والشجاعة والشفافية والنقاء الثوري وهي عصية على النسيان .
شامخ بدرة - مسؤول العمل الطلابي لحزب الشعب الفلسطيني
9/10/2009
|
|