صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

مالك ايوب

شجرة الالب


كانت تلتقيه في الصباح حين تذهب وكذلك في المساء حين تعود من المدرسة .. وكان لا يخلف الميعاد.

... هناك عند شجرة المواعيد كان ملقاهم.

... كان النوم لا يزور جفنيها الى ان يطلع الفجر، وعلى طريق المدرسة كان ينتظر بصبر قرب الشجرة.

كانت الحصة الاخيرة اطول الازمان، فما أن يقرع الجرس حتى تُسرع خارجة في طريقها اليه وكان ينتظر في نفس المكان.

هي نفس الحكاية التي كانت ترويها لها جدتها. فأول لحظات المحبة كانت عند الشجرة .... وها هو التاريخ يعيد نفسه لتمر الحفيدة عبر طريق المحبة وها هي تلتقيه في نفس المكان.

كانت الطريق تتعرج على منحنى جبلي لطيف تغمره الازهار في فصل الربيع وحين تشرق الشمس تطير الفراشات في كل الاتجاهات لترسم لوحة جمال الفن الالهي. وعند المنحنى الاخير كانت الشجرة تضرب جذورها في أعماق الارض منذ القدم وترتفع اغصانها لتعانق السحاب فيلتقي تحتها المحبون ... يتبادولون كلمات الغزل ويتعانقون، وتهب عليهم نسيمات المساء الرقيقة حاملة الى مرقدها بقايا اشعة الشمس الناعسة ... وحين تضيء الشموع والقناديل المعلقة على الاغصان يذوب الجميع في حلم ابدي لا ينتهي.

في إحدى ليالي الشتاء القارصة، هبت عاصفة هوجاء ... وأضاءت سماء الجبل سلسلة برق غاضبة احرقت الشجرة، فتكسرت جذوعها وتساقطت متهاوية اغصانها وعم المكان سكون مرعب.

خرَجَتْ في الصباح تغطي الدموع وجنتيها ... وتسارعت نحو الشجرة خطواتها، وكأن عاصفة الليل قد أوشت لها بما صنعت، فتزايدت جنبات قلبها خفقا. ولاح من بعيد فراغ في الافق ... فانكمشت احاسيسها وايقنت ان ما هو اسوأ قد حصل. ومع كل خطوة تخطوها تدور في مخيلتها صور من الماضي .... جدتها البشوشة .. الرقصات المائسة وحلقات السمر الى الصباح...... وعند وصولها .... لم تجد إلا اغصانا مبعثرة ورمادا.

باتت ليلتها تتقلب يمنة ويسرة .. وحين بدا اول شعاع للفجر يتسلل من ثقوب شباك غرفتها، استسلم جفناها للنوم فلم يؤرقها الا طرقات متعبة على خشب سنديان بابها العتيق. فنهضت يشدها النوم الى سريرها، تود ان تجد خلف الباب من يخبرها ان ما حصل بالامس كان كابوسا مرعبا ... غير انها لم ترى الا صديقة جدتها العجوز التي تجاوزت عقدها الثمانين تحمل بيديها الهزيلتين شجيرة صغيرة ... تناديها

....... هيا يا ابنتي الى المنحنى لنزرعها قبل ان تبدا الامطار، فسوف اكون وجدتُك سعيدتين حين نراها كل يوم تكبر من علٍ

وسوف تذكروننا حين تعود قريبا ليالي الربيع.

زيورخ - سحماتا 8.6.2011



العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600