|
|
مالك ايوب
الكيسُ المقدّس - بقلم: مالك أيوب
|
تحية لكَ أيها الكيس المقدس وإجلالا!
يا من كبرت معنا في طفولتنا ورافقتنا في شبابنا ولزمتنا في كهولتنا!
لا بل ان ميلادك كان يوم ميلاد نكبتنا.
كنت أرى حين كانت تصل شاحنة الأمم المتحدة الى وسط المخيم، كيف كان الناس يتراكضون باتجاهك وقد علت وجوههم البسمة والفرحة وقد تولد في المخيم حركة غير عادية تتجدد كل شهر.
|
 |
فالرجال والنساء، الشيوخ والاطفال، الكل يسري نحو الإعاشة كأنه يوم بعث متكرر. وكيف لا والبطون الجائعة بانتظارك والأيدي الفارغة بانتظارك والأجساد العارية بانتظارك.
كان الكل يعانقك، يحملونك على ظهورهم واكتافهم، يرددون اسمك، فتحنو عليهم وتلونهم بلونك فتزرع الطمأنية في قلوبهم وتشبع اطفالهم. فترى النساء في اليوم التالي لوصولك يحملن العجين الى الأفران كيوم عيد بعد طول صيام.
كم من عائلة أخاطت منك أغطية فراشها واختفت اللحف في طياتها فخففت عنهم برد شتائهم.
كم من اكياس اللبنة كنت انت صاحب الفضل في وجودها فكنت سيد الإفطار في صبحهم. حتى ستائر النوافذ عملوها منك، أغطية العرش فصّلوها من طياتك، فكنت الساتر لفقرهم والمعين لهم على تحمل مأساتهم.
وحتى حفاظات الأطفال عملوها منك، فتحملتنا حتى في هذه أيها الكيس المقدّس.
واذكر حين حاصرت الدبابات الاسرائيلية مخيمات مدينة بيروت، كيف كانت حمم القنابل والنيران المشتعلة تنهال على رؤوس الفقراء والمساكين وكيف أن السُبل والطرقات قد تقطعت بهم فلم يستطع ان يغادرها إلا من حملك فوق رأسه او رفعك على عود من القصب أبى ان يحترق، فكنتَ أنت المعين لهم على الخروج من هذا الأتون الملتهب.
آه أيها الكيس المقدس!
لولا أنك رمز لنكبتي
لجعلتك علما لبلدي!
سويسرا - سحماتا 9/2/2008
|
العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"
|