صفحة البداية
عن الجمعية
حق العودة
عن سحماتا
أخبار سحماتا
مواقف ونشاطات
شهادات وذكريات
مقالات و دراسات
أخبار منوعة
فن, تراث وحكايات
قوس قزح
من رياض الثقافة
والأدب
أفلام وأغاني
صور سحماتا
دنيا الأطفال
تعزيات
روابط مميزة
دفتر الزوار
اتصل بنا
English

أحمد أيوب أيوب


قصة واقعية
حدث ذات يوم في ثعلبايا



أواخر الخمسينات من القرن الماضي. كانت خدمات السكة الحديد في لبنان ما زالت في عز ازدهارها. القطارقادم من دمشق في طريقه إلى بيروت .يتهادى متلوّياً كالثعبان في سهل البقاع. هذا السهل العظيم بخيراته.هذا السهل الذي كان في يوم من الأيام يموّن إثني عشر مليوناً من البشر. غادرالقطارمحطة رياق في طريقه إلى بلدة ثعلبايا.

الوقت عصراً، والمكان بلدة ثعلبابا والقطار أصبح على بعد مئات الأمتار من محيط المنطقة التي تعلو العين. وأم فيصل أمام بيتها تحضرللخبزعلى الصاج كعادتها كل اسبوع، أشعلت النار ووضعت "الطبلية" أمامها، رشتها بالطحين، وصارت تَرُقُ العجين، تلوحه ثم تضعه فوق "الكارة " وتهوي به على الصاج . ولدها الصغيرنعيم ابن السبع سنوات نائم في البيت ساعة القيلولة. تصاعدت رائحة خبز أم فيصل المشهورة بين جاراتها بنظافة خبزها وكبررغيفها. ترفع يديها تلوّح بالرغيف تستعرض خبرتها متغاوية متفاخرة. الوقت يمر وأم فيصل مستغرقة في التفكير، قلقة على إبنها. تحدث نفسها هل يا ترى مازال نعيم نائما ..؟ أم استيقظ وخرج يلعب مع أقرانه..؟ لو تفقدتيه ياأم فيصل وأرحت نفسك. وصل القطار لبلدة ثعلبايا، واقترب من المنطقة المرتفعة التي تعلومنطقة العين وأصبح هديره يهز الأرض وصرير عجلاته يصم الآذان، وما لبث أن أصدر صفيره المدوّي الذي تردد صداه في المنطقة كلها.

نعيم نائم داخل البيت يحلم . أرعبه صفير القطاروهو نائم فصرخ مرتعداً بكل ما أوتي من قوة. أمه المستغرقة في التفكير في نعيم، لم تدرإن كان نعيم قد خرج أم ما زال نائماً في الداخل وما أن سمعت صراخ ابنها الذي ترافق مع سماع صفير القطاروهو يمرقريباً من بيتها ،حتى تملّكتها نوبة من الخوف بأن إبنها قد أصابه مكروه على خط سكة الحديد. تراءى لها أن أبنها نعيم قد دهسه القطار. تركت الخبز يحترق، ولم تعد تسيطرعلى نفسها، وصارت تصرخ بأعلى صوتها مولولة تستغيث الناس. أسرعت نساء الجيران يستطلعن الخبر، وهي ما زالت تصرخ.. تجمهر الناس. وحضر القاصي والداني من أهل الحي . والكل يسأل ويستفسر، وخانها لسانها ولم يعد بمقدورها أن تخبرهم بما حصل، أغمي عليها. تداركتها بعض النسوة على الفور ومنعوها من السقوط على الأرض. رشوا الماء على وجهها .فتحت عينيها تسألهم،هل مات نعيم تحت عجلات القطار...؟ في تلك اللحظات استيقظ نعيم مرعوباً من صراخ وضجيج الناس أمام البيت ، خرج يرتجف مرتعداً يستطلع الخبر. ارتفع صراخه باكياً عندما رأي أمه في حالة غير طبيعية تهوي مغمياً عليها بين النساء ظاناً أن أمه قد ماتت لتوها. اخترق جمهرة النساء وهجم يبكي معانقاً أمه. ولما استوعب ما تقوله النساء: صار ينادي أمه بأعلى صوته " أنأ لم أمت. أنا لم أمت ياأمي" لقد كنت نائماً ولم يدهسني القطار. استفاقت الأم على صراخه ، غير أنها أصيبت بغيبوبة مرة أخرى عندما شاهدته. فنقلوها إلى داخل البيت حيث عادت إلى رشدها بعد قليل وعانقت ولدها نعيم تقبله وتحمد الله على سلامته.غيرمصدقة أنه حي يرزق بين ذراعيها.ارتفعت الأصوات مهنئة بالسلامة ، وعلت الزغاريد فرحاً.

أنتهت القصة عند هذا الحد. لكننا تنسائل لماذا حصل كل ذلك..؟ والأم لم تر ولدها يُدهس ، ولم يخبرها أحداً عن ولدها بسوء، وليس هناك ما ينبىء بذلك ؟ ماذا جال في خاطر الأم حتى صدرعنها ما حصل..؟ لماذا كانت ردة الفعل تلك من الأم ....؟ ما هو هذا التزامن بين صفير القطار وصراخ إبنها....؟ وكيف نفسر حيثيّات تلك الواقعة.....؟

قبل الدخول في تفسير الظاهرة التي حصلت مع أم فيضل والدة الطفل نعيم . نعطي بعض التعاريف للمصطلحات المرتبطة بتلك الظواهر فنقول : أن التخاطر الذي أسماه البعض (علم الحاسة السادسة) . (والتخاطر والحاسة السادسة ) ما هما إلاّ أحدى المكونات التي تأتي تحت عنوان كبير أسمه ( علم الباراسيكولوجي) أي (ماوراء علم النفس) وهو علم يبحث في الظواهرغير الطبيعية ، والخوارق الخارجة عن المألوف عند الإنسان مثل: ( التخاطر ، وقراءة الأفكار، وظاهرة الإستبصارعن بعد. وهي رؤية الأشياء من مسافات بعيدة من مكان المستبصر.تحريك الأشياء عن بعد، ومسميات واصطلاحات أخرى كثيرة . تبحث وتحلل بعض الظواهر والخوارق غيرالطبيعية والخارجة عن المألوف وها نحن نعطي بعض المدلولات عليها على سبيل المثال لا الحصر كالتالي:

هل حصل يوماً أن كنت تفكر بشخص ما، وبعد لحظات سمعت رنين جرس الباب ، وما أن فتحته حتى اكتشفت أنه هو بشحمه ولحمه يقف أمامك ...؟ أوأنك كنت تفكربصديق غائبٍ عنك بينما أنت مستغرق في عمل ما وتتفاجأ بعد قليل بجرس الهاتف يرن فإذا به نفس الشخص الذي كنت تفكر فيه ....؟ وهل تساءلت يوماً كيف تشعر الأم بما يحدث لأبنها إن أصابه مكروه رغم ابتعاده عنها....؟ وكيف أن الأم تستيقظ فجأة ليلآ من نومها لتدخل غرفة أطفالها فتجد أن أحد أطفالها قد وقع عن سريره على الأرض وأصيب بجرح نازف وما زال في غفوته دون أن تسمع صراخه، فتأخذه الأم لتضمد جرحه وتعتني به.

نعم..... كل هذه الحوادث ليست وهماً أو خرافة لكنها حقيقة محتملة الحدوث في علم الباراسيكولوجي. فالحاسة السادسة وهي حاسة غير موجودة ، وليست كغيرها من الحواس. أي ليست متأتية عبر الحواس الخمسة المعروفة. لذالك ميّزوها عن غيرها بأن قالوا : هي نوع من الإدراك فوق الحسي . أي إدراك ليس لأي من الحواس الخمسة أي تأثير عليها. والإدراك مجرداً هو تفسيرالمحسوسات وإعطاء مدلول ومعنى لها .

نعود لقصة أم فيصل وولدها نعيم الذي هو أصغر أولادها ، وتربطها به علاقة روحية أكثر من بقية إخوته وهو المدلل لديها لكونه الأصغر بين إخوته، وهو الذي مازال الأقل بعداً عن صدرها ، والأكثر تعلقاً بها، ولذلك فالرابطه بينهما تكون الأشد روحية ومتانة. لذلك فهو يستحوذ على عاطفتها أكثر من أي واحد من إخوته ، ويشغل الحيز الأكبرً في ذهنها وذاكرتها. ولذلك فإن عملية االتواصل عن طريق التخاطر قد تكون الأكثر حدوثاً بينهما. وهي عبارة عن انتقال الخواطروالأفكار والوجدانيات بين الأم وإبنها على شكل ذبذبات دون المروربالأجهزة الحسية . وعادة ما تكون هذه العمليات أسرع بين الأشخاص الذين تربطهم وشائج قربى ومحبة حميمة، وعلاقة تفاهم وانسجام. يزداد تفاعل التخاطر ( الحاسة السادسة) ويتجلّى بين الأم وألادها بشكل مميز، وبين التوائم، والعشاق والمحبين. لذلك فإن تيار تفكيرأم فيصل بإبنها نعيم أثناء عملية الخبزعائد لتفاعل حبها الشديد لولدها ،لهذا ومما تقدم فإن الأم ما أن سمعت صفير القطار وصريرعجلاته، ثم تبعه صراخ إبنها مباشرة حتى دخل في روعها أن نعيم قد مات دهساً تحت عجلات القطار، وتراءى لها كيف أن جثته مقطعة على خط سكة الحديد.


أحمد أيوب أيوب
عضو فعّال سابقاً
في المركزالباراسيكولوجي اللبناني
1997- 1999
بيروت






العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"


® All Rights Reserved, ABNAA' SUHMATA Association
  Best experienced using MS Internet Explorer 6.0, Screen is optimised for viewing at 800 x 600