|
|
|
أحمد أيوب أيوب
لحظة وداع ... - أحمد أيوب أيوب
استوقفني في الشارع يسلّم علي.على غيرعادته، يبدوحزيناً كئيباً، في عينيه احمرار، وبقايا دموع على وجنتيه لم تجف بعد، اقترب مني فأحسست أن في نفسه شيئاً يريد أن يفضفض به. سألته إن كان يشكومن شيء فلم يجبني. استحلفته، فأجهش في البكاء. ربـتّ على كتفه وقلت: ما بك..؟ أقلقتني. تردد قليلاً وقال: ذهبت لزيارتها في غرفة الإنعاش في المستشفى، ولم أجد أحداًعندها. كانت مستيقظة وبكامل وعيها، عرفتني فورا. إلاّ أنها كانت تبدو شاحبة هزيلة. لم أرها يوماً بهذا الشكل. وقفت متأملاً إياها فلم أتمالك نفسي، وغلب علي البكاء، غطت وجهها بيديها للحظات، ثم رفعتهما وقالت بصوت يشوبه الحزن وتخنقه العبرات: ما بك تبكي يا أبا ( ......)؟ عهدي بك دائماً قوياًً. ولم أرك يوما إلا رجلاً .... ونعم الرجال أنت. ولم تكن يوماً ضعيفاً . فلِمَ تبكي الآن ...؟
تمالكتُ نفسي..وقلت: تسأليني لمَ أبكي....؟ لقد عرفتك وأنت صغيرة ، وكنتُ صغيراً في مثل سنك. كانت لك مكانة خاصة في قلبي. كبرنا .. وتعاظمت تلك المكانة. ربما كنتِ تدركين موقعك في قلبي ليس لأحد مثله. وفي غفلة من الزمن تزوّجتِ. فأشعلت الشجن في نفسي. تزوّجتُ أنا بعدك. وبقي احترامي لك كبيراً. وأصبحت بمثابة الأخت ، مع أنها ليست التسمية التي كنت أصبو إليها في يوم من الأيام. رزقتِ بإبنة، رزقتُ أنا بإبـن. رغبت أن أعيد إحياء تلك العلاقة فطلبتُ يد ابنتك لإبني وكانت الموافقة. تزوجا، رزقا بالأبناء والبنات. فكنت جدة َ هؤلاء ، وأنا جدَهم. (وأصبحت وإياك شريكين في الحب ) لهؤلاء . وتسأليني لِمَ أبكي بعد كل هذه السنين ...؟
ترقرقت دموعها، ولم تستطع أن تخفي مشاعرها، ونظرت إلي بعمق. وبهدوء قالت: تمنيت لو كنت تدري ما بقلبي ...! إنه حكم الزمن. أشهد أنك كنت شهماً أبياً من خيرة الرجال. أسأل الله أن يجمعنا في الجنة .
أمالت رأسها وأسلمت الروح .
صيدا ـ لبنان
17/6/2010
|
العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"
|
