|
|
أحمد أيوب أيوب
صديقتي الأنكليزية فيرجينيا - بقلم: أحمد أيوب أيوب
الفصل شتاء ، وليل مدينة لندن العاصمة البريطانية في شهر شباط ، بارد وقارس جداً.والرياح خارج الفندق تزمجر مجنونة.وساعة( بيغ بن ) تدق معلنة منتصف الليل في مدينة الضباب.
آويت الى فراشي بعد أن قرأت أخر عشر صفحات من كتاب قد اشتريته من هناك . وما هي الاّ لحظات حتى استغرقت في نوم عميق ، الاّ أنني صحوت ربما بعد ساعة أو ساعتين على صوت نقرات قوية متلاحقة على زجاج النافذة . رفعت رأسي عن الوسادة مستطلعاً الجهة التي يأتي منها صوت تلك النقرات ، لكني لم ألمح على زجاج النافذة أحداً أو حتى خيالاً لأحد. حيث أن الظلمة وان كانت دامسة في الداخل ، الاّ أنها في الخارج لم تكن كذلك . ولذا لم آبه لشيء أو يساورني خوف. لعلمي أنني أنزل في الدور العاشر من الفندق .لذلك لم أكلف نفسي عناء التفكير في شيء ، ولكن قبل أن أعيد رفع الغطاء متدثراً من البرد ، سمعت نفس النقرات على زجاج النافذة مرة أخرى . التفت الى مصدر الصوت ، فاذا هو سقوط زخات من حبات البردعلى زجاج الشباك .وأحدث نفس الصوت الذي كنت قد سمعته قبل قليل . وعدت للنوم ،ورفعت الغطاء فوق رأسي. ولا أدري كيف تذكرت صديقتي التي كانت بجانبي .ومددت يدي من تحت الغطاء أتحسس وجودها ، متفقداً اياها ان كانت لا تزال الى جانبي أم اننيa تركتها في الصالون وحدها قبالة التليفزيون هناك.الاّ أنه وبعد تحسس دقيق ، وجهد كبير لم اجدها ، وخشيت أن أكون قد ضايقتها بتقلبي المتكرر في السرير، خصوصاً وأنها صاحبة الجسم الدقيق الرشيق الذي لا يتحمل قساوة في الفراش.وخفت فعلاً أن أكون قد آذيتها في هذا الوقت المتأخر من الليل فغادرت السرير. وعدت فقلت لنفسي .. ربما أكون فعلاً قد تركتها وحدها في الصالون !! وفي هذه الحالة .. فانه من المستحيل أن تحضر من تلقاء ذاتها دون أذهب وآتي بها بنفسي .ثم انتابني هاجس من أن يكون قد مر احد من النزلاء أو الموظفين الى الصالون متأخراً لمشاهدة التليفزيون ووجدها وحدها في هذا الوقت المتأخر من الليل ، فاستلطفه شكلها ، وراقت في عينيه ، فراودته نفسه بها، وعرف كيف يقتنص الفرصة ،فلف يده حول خصرها وذهب بها.
وما أن وصلت بتفكيري عند هذا الحد ...حتى تملكتني المخاوف والأوهام بفقدانها ،وتوترت اعصابي لحاجتي القصوى اليها في هذا الوقت بالذات.فهي حبيبتي التي تؤنس وحدتي وتشعرني بالدفء والاطمئنان ، وتملأ صدري سعادة ، وهي التي تظهر لي صدق وفائها في أكثر الأوقات حميمية ،وفي أوقات الضيق والشدة،وهي التي تشعرني بدفء جسدها كلما اقتربت بفمي منها .
ولذا فقد أخذتني الغيرة والحميّة ،ووجدت نفسي أهب مسرعاً من الفراش باتجاه الصالون. غير أنني بوصولي الى هناك لم أجدها .بل لم أجد أحد غيرها . وعبثاً حاولت أن أفتش عنها فعدت الى غرفتي وكلي قلق وندامة ، تملأني الخيبة ،ويعتريني الخجل من نفسي. غير أني ما أن عدت وأضأت أنوار الغرفة، حتى عاودني شعور بالفرح والاعتزاز، فقد كانت صديقتي وحبيبتي الانكليزية فير جينيا ،
تأخذ مكانهاعلى الكرسي حيث تركتها ، ولم ارها عندما ذهبت أبحث عنها في الصالون لشدة انشغال فكري عليها. تقد مت من حبيبتي باغتباط شديد ، واحتويتها بين يدي بشوق ولهفة وقبلتها مبتهجاً وأخذت منها سيجارة أشعلتها ، وسحبت منها نفساً قوياً وجلست على الكرسي متراخياً، ثم وضعتها أمامي على الطاولة ، بعد أن كان النوم قد ذهب من عيني ....
صيدا ـ لبنان
6/11/2009
|
العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"
|