|
|
أحمد أيوب أيوب
بائعة الورد - بقلم: أحمد أيوب أيوب
وقفت بباب كهف للزهور، صاغته يد فنان ، استثمر فيه خياله ، فتجلّت آية الفن إبداعاً في جنباته، فبدا الكهف مرتعاً تختال فيه الزهور مست
عرضة جمالها ، من صنع الإله شذا ، ومن أحسن من الله صنعاً....؟ تأمّلت الكهف وقد ازدانت أرجاؤه ، وامتلأت جوانبه ، حتى خلت وكأن الله قد أنبت في الجدران وروداً. فبدا كغابة من الألوان يعبق بما فيه من أريج الفل والياسمين فهما در ابيض . والورود كاليواقيت الحمر على كراسي من زبرجد أخضر، تتوسطه نجوم النرجس وزهور البيلسان * ، الزنبق ، النسرين ، السوسن ، أجراس الخزام ، والورد الأصفر ، وزهور الأقحوان شذور من ذهب أصفر. له رقة الأريج ونفحات الطيب والرياحين والعنبر . حتى لتظن أن في الأرض جناناً. قادتني قدماي ألى الداخل، فإذا أنا في روضة ملئت بما يدهش النفس من أنواع الورود والأزاهير والرياحين ....
. . . وقفت متأملاً قدرة الله في الورود . وخلت أني أسمع تنفس تلك الورود . ويصلني زفيرها نسيماً يغمرني .فتتجدد خلايا جسدي من شذاها ، وتنتعش نفسي ، وتغمر الفرحة فؤآدي ، وتتردد ترانيم الشكر في أعماقي .والتفت يمنة فتراءت لي بعض الورود وجوهاً ترمقني على خجل ، حتى بدت قطرات الماء على أوراقها وكأنها تتعرق ... وخلت أن أهداب بعضها لاستحيائها مني مطرقة ، فتوردت خدودها ، وانحنى رأسها فلم تقو على النظر .
ودهشت ... لما رأيت بائعة الورد ... فتاة بعمر الورد ، تحمل الورد فوق كفيها ، والشعر مسترسل على كتفيها ،فاستكمل الورد بذاك الشعر بهجته ... ضحكت عيونها الزرقاء .. فطغت على الألوان زرقتها ، وتبسم الثغر فسبحان الذي أحسن التقويم خلقته ....ولم أدر أبائعتي هي من الورد وردة ....؟ أم الورد بين كفيها أكتسى حمرة فأصبح وردا ....؟
خشعت للرحمن ..... ! لمّا رأيت الذي من طبعه لا ينطق ..... الورد .... فوق كفيها عبيره فاح من دون نطق ينطق .
*البيلسان : شجر له زهر ابيض صغير كهيئة العناقيد = يستخرج من بعض انواعه عطر جميل الرائحة .
صيدا ـ لبنان
7/8/2009
|
العودة الى صفحة "فن, تراث وحكايات"
|